سور الصين العظيم : معلومات عن هذا الحصن التاريخي
إن الصين هي واحدة من أكثر وجهات السياحة المفضلة لدى السياح في العالم، وهي تتميز بتاريخها العريق وكثرة المآثر التاريخية
والعمرانية الفريدة من نوعها. تعد المدينة المحرمة وسور الصين العظيم أشهر أماكن الجذب السياحي فيه، وهما معلمتان تاريخيتان
تمثلان إرثا حضاريا صينيا ونموذجا للعراقة والإبداع البشري. في هذا المقال سنعترف بشكل أكثر تفصيل على سور الصين العظيم
الأجوبة البشرية الصامدة على مر العصور.
يعتبر سور الصين العظيم Great Wall of China واحد من عجائب الدنيا الشهيرة التي أنتجتها البشرية كونه يعتبر أطول بناء
قام الإنسان بصنعه في العالم، وهو واحد من أعظم المعالم المعمارية والتاريخية إثارة للإعجاب في العالم. يمتد من إقليم منشوريا إلى
صحراء غوبي والبحر الأصفر عبر مسافة شاسعة من شمال الصين تصل 21,196 كلم، مخترقا 15 محافظة توجد فيها مناطق
ومدن شهيرة في البلاد أهمها شينجيانغ ، وجيلين، وبكين، ولياونينغ، ومنغوليا الداخلية، وتيانجين، وخبي، وشاندونغ، وخنان،
وشانشي، وشنشي، وقانسو، ونينغشيا، وتشينغهاي، وهيلونغجيانغ.
استمر بناؤه لقرون طويلة تجاوزت ألفي عام من عمليات البناء لأجل حماية البلاد من الغزو الشمالي، وهو مثال صارخ للبراعة
الهندسية العسكرية للعديد من السلالات الحاكمة التي مرت على تاريخ حكم الصين. يعود تاريخ بنائه إلى القرن الثالث قبل الميلاد،
خلال فترة حكم أسرة تشين، إذ يعد تشين شي هوانغ هو أول من قام ببنائه، غير أن بناء أطول جزء منه وأكثرهم شهرة تم خلال
مرحلة حكم أسرة مينغ (1368-1644). يتميز بتصميمه، إذ يحتوي على أكثر من 25,000 برج للمراقبة والحراسة، إضافة إلى
خنادق تمتد لمسافة 359 كلم.
تم إدراج سور الصين العظيم في عام 1987 صمن قائمة التراث العالمي لليونسكو كواحد من أعظم الإنجازات الهندسية للبشر، فيما
تم اعتبار الجزء الشهير منه والمعروف باسم “سور مينغ” كواحد من عجائب الدنيا السبعة في عام 2007. يعتبر إرثا ثقافيا
وحضاريا للصين بشكل خاص والعالم بشكل عام، يستقطب ملايين الزوار من أنحاء المعمورة سنويا كأشهر معلمة سياحية في الصين.
يعرف سور الصين العظيم باسم “جدار العشرة آلاف لي”، أو جدار العشرة آلاف ميل، كون (لي) هي المعادل للميل في الثقافة
واللغة الصينية. تستغرق مسافة المشي على طوله لقطعه بالكامل 17 شهرا، يتم خلالها قطع 8850 كلم، يتيح إنهاء هذه المسافة
للقادرين على فعلها الدخول لموسوعة غينيش للأرقام القياسية.
كيف نشأت فكرة الجدران؟ لم يتمكّن المغول من زراعة العديد من المحاصيل، بسبب عيشهم في السهوب، ممّا اضطرّهم إلى
التجارة الزراعية مع الصين، كما كان هناك طلب كبير بين القبائل البدوية الشمالية على الحرير والقطن وغيرها من المنسوجات،
بالإضافة إلى المعادن لصنع الأسلحة، وفي المقابل كان الصينيون بحاجة إلى خيل البدو الصغيرة والكثيرة للحرب، إلّا أنّ الصينيون
كانوا قادرين على الاكتفاء بما لديهم من خيول أمّا المغول كانوا بحاجةٍ ماسّة للطعام والملابس، ممّا أدّى إلى خلق عدم توازن في
العلاقات التجارية بين الصين ومن حولها من بدو ومغول.[٤] كان الاتصال بين البدو الشماليين والصينيين قائمًا على مبدأ "التجارة
كالحرب"، إذ كان البدو يشكلون تهديدًا عسكريًّا خطيرًا رغم أنّ عددهم كان أقل بكثير من عدد الصينيين، وكانت العلاقات التجارية -
الحربية المتوترة والقائمة على مبدأ الغارات الناجحة والفعّالة من قبل قبائل البدو الشماليين - ولاحقًا المغول - للحصول على ما
يريدون؛ سببًا في إنهاك السكان الصينيين،[٤][١]ولحماية الأرض من الغزاة الرحّل الشماليين؛ أسس القادة الصينيون منذ آلاف
السنين مشاريع بناء جدارٍ يُدافع عن الحدود، ويوجد في مقاطعة شاندونغ أحد الأجزاء الباقية من هذا الجدار القديم المصنوع من تربة
صلبة تسمى "الأرض الصخرية"، ويقدّر عمرها بنحو 2500 عام، وعلى مدى 2000 عام، تم بناء هذه الحراسة الحجرية التي
تسمّى الآن بسور الصين العظيم، والذي يتكوّن من العديد من الجدران العظيمة التي يعود بعضها إلى القرن الخامس قبل الميلاد،
ولقرون، وخلال فترة الممالك المتحاربة، قبل توحيد الصين في دولة واحدة، دافعت هذه الجدران عن الحدود
القيمة العالمية المتميزة
ملخص موجز
بُني سور الصين العظيم باستمرار من القرن الثالث قبل الميلاد إلى القرن السابع عشر الميلادي على الحدود الشمالية للبلاد،
كمشروع دفاعي عسكري عظيم للإمبراطوريات الصينية المتعاقبة، بطول إجمالي يزيد عن 20 ألف كيلومتر. يبدأ السور العظيم
شرقًا عند شانهايجوان بمقاطعة خبي، وينتهي غربًا عند جيايوقوان بمقاطعة قانسو. يتكون هيكله الرئيسي من جدران، ومضامير
للخيول، وأبراج مراقبة، وملاجئ، ويضم حصونًا وممرات على طوله.
يعكس سور الصين العظيم التصادم والتبادلات بين الحضارات الزراعية والبدوية في الصين القديمة. ويُقدم دليلاً ملموساً على بُعد
النظر في التفكير الاستراتيجي السياسي وقوات الدفاع الوطني العسكرية الجبارة للإمبراطوريات المركزية في الصين القديمة،
ويُمثل مثالاً بارزاً على روعة العمارة العسكرية والتكنولوجيا والفن في الصين القديمة. ويجسد أهمية لا مثيل لها كرمز وطني لحماية أمن البلاد وشعبها.
للأسف لم يوقف الغزو! رغم عظمة السور والجهود الكبيرة التي بُذِلَت في بناءه، إلّا أنّه لم يحقق الهدف الذي بُنيَ لأجله وهو ردع
أي تهديد وغزو للصين؛ فقبائل البدو الشمالية اجتاحوا الجدار أو التفّوا حوله بسهولة، وقد ألحق المغول الهزيمة بمينغ جنوب الجدار
في عام 1449م، كما سقطت الصين في يد المانشو في عام 1644 رغم انتهاء أعمال البناء في السور، بسبب خيانة جنرال مخلي
من مينغ بفتحه البوابة الشرقية البعيدة المسماة شانهايجوان (Shanhaiguan) للغزاة.[٢] اتساعه غير كاف أحيانًا سور الصين
العظيم طويل ولكن عرضه يتفاوت من قطعة إلى أخرى حسب المناطق؛ فهو ليس واسع بما يكفي لخمسة خيول جنبًا إلى جنب إلّا
في بعض الأقسام حول بكين الذي بُني كجدار وطريق، أمّا في الأجزاء الأخرى من جدار مينغ ولا سيّما التلال التي تمتد فوق قمم
سيماتاي، فهي لا تكفي إلّا لشخص واحد، وفي غرب السور لا يوجد ممر للمشاة، وكان على الخيول والجنود السير على طول قاعدة السو
تحديات وجهود الحفاظ على سور الصين العظيم
يواجه سور الصين العظيم تحديات كبيرة بسبب العوامل البيئية مثل التعرية والتآكل الناتج عن الرياح والأمطار. كما أن التأثير
البشري أتعلق الأمر بالسياحة أو بأعمال الترميم غير المدروسة، والتي جرى إنجازها عليه، أدى تدهور بعض الأقسام التاريخية
منه، وهو ما جعل الحكومة الصينية تبذل جهودا كبيرة في ترميم أجزاء السور وحمايته من المزيد من التدهور، وذلك عبر تحقيق
توازن بين السياحة والحفاظ عليه.
شملت جهود المحافظة على السور وضع سياسات للحفاظ على البيئة المحيطة بالسور، مثل تقليل التأثيرات البيئية الناتجة عن التدفق
السياحي، بالإضافة إلى تطبيق قواعد صارمة للحد من التعدي على السور نفسه. من جهة أخرى، ساهم الوعي الدولي المتزايد
بأهمية الحفاظ على هذا المعلم العريق في تعزيز مبادرات الحماية والتطوير المستدام.
إن سور الصين العظيم واحد من أهم أشهر التحف المعمارية الخالدة في تاريخ البشرية، وقد تجاوز كونه مجرد حصن يروي صمود
الشعب الصين ووحدتها عبر العصور المختلفة، ليصبح إرثا بشريا وأعجوبة من عجائب الدنيا تسحر الزوار وتلهم الفنانين والمبدعين.
المراجع +
مدونة مدرسة ألأسرار